زوجات الرسول - رملة بنت أبي سفيان
تم التحديث في ربيع الأول 1442 / تشرين الثاني 2020
الزوجة الثامنة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ابنة زعيم، صحابية جليلة، واخت خليفة، وهو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وأم المؤمنين. كانت متزوّجة من عبيد الله بن جحش. كانت أم حبيبة من ذوات رأي وفصاحة. وعندما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم الناس في مكّة المكرّمة إلى الإسلام، أسلمت رملة مع زوجها في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وحينما اشتد الأذى بالمسلمين في مكّة المكرّمة؛ هاجرت رملة بصحبة زوجها فارة بدينها متمسّكة بعقيدتها، وكان الرحلة شاقة جداً لهما من مكّة المكرّمة إلى الحبشة. كما أن رملة في ذلك الوقت كانت في شهور حملها الأولى، وبعد أشهر من بقاء رملة في الحبشة، أنجبت مولودتها حبيبة، فكُنِيت بأم حبيبة
كان والدها أبو سفيان رضي الله عنه من أعداء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حينما نقض المشركون في مكّة المكرّمة صلح الحديبية، خافوا من انتقام الرسول صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا أبا سفيان رضي الله عنه إلى المدينة المنوّرة لعلّه ينجح في إقناع الرسول صلى الله عليه وسلم بتجديد الصلح، وفي طريقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مر أبو سفيان رضي الله عنه على ابنته أم حبيبة في بيتها، وعندما هم بالجلوس على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم سحبته أم حبيبة من تحته وطوته بعيداً عنه، فقال أبو سفيان رضي الله عنه: "أراغبة بهذا الفراش يا بنية عني؟ أم بي عنه؟"، فأجابته: "بل به عنك، لأنه فراش الرسول صلى الله عليه وسلم وأنت رجل نجس غير مؤمن"، فغضب منها، وقال: "أصابك بعدي شر"، فقالت: "لا والله بل خير". وهنا نجد بأن هذه المرأة المؤمنة أعطت أباها المشرك درساً في الإيمان، ألا وهو أن رابطة العقيدة أقوى من رابطة الدم والنسب ذلك كانت حافظة لسر الرسول صلى الله عليه وسلم، فجهّز المسلمين لفتح مكّة المكرّمة، وبالرغم من معرفة أم حبيبة لهذا السر، إلّا أنها لم تخبر أباها رضي الله عنهما، وحافظت على سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسر المسلمين. ففتح المسلمون مكّة المكرّمة، ودخل العديد من المشركين في دين الله عز وجل، وأسلم أبو سفيان رضي الله عنه، فتكاملت أفراح أم حبيبة وشكرت الله عز وجل على هذا الفضل العظيم. وفي هذا الموقف إشارة إلى أنه يجب على المرأة المسلمة حفظ سر زوجها رأت في منامها زوجها عبيد الله في صورة سيئة، ففزعت من ذلك، وحينما أصبحت، أخبرها زوجها بأنه وجد في دين النصرانية ما هو أفضل من الإسلام، فحاولت رملة رضي الله عنها أن تردّه إلى الإسلام ولكنها وجدته قد رجع إلى شرب الخمر من جديد. وفي الليلة التالية، رأت في منامها أن هناك منادياً يناديها بأم المؤمنين، فأوّلت أم حبيبة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يتزوّجها. وفعلاً، لمّا عَلِم عمّا جرى لها رضي الله عنها، أرسل إلى النجّاشي طالباً الزواج منها، ففرحت أم حبيبة رضي الله عنها، وصدقت رؤياها، فعهدها وأصدقها النجاشي أربعمائة دينار، ووكّلت هي ابن عمها خالد بن سعيد ابن العاص، وفي هذا دلالة على أنه يجوز عقد الزواج بالوكالة في الإسلام. وبهذا الزواج خفف الرسول صلى الله عليه وسلم من عداوته لبني أمية، فعندما علم أبو سفيان رضي الله عنه زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من ابنته رملة قال: "ذاك الفحل، لا يقرع أنفه!" ويُقصد أن الرسول صلى الله عليه وسلم رجل كريم، وبهذه الطريقة خفّت البغضاء التي كانت في نفس أبي سفيان رضي الله عنه على الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أن في هذا الموقف دعوة إلى مقابلة السيئة بالحسنة، لأنها تؤدّي إلى دفع وزوال الحقد والضغينة وصفاء النفوس بين المتخاصمين روت رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم 65 حديثاً. توفيت رضي الله عنها سنة 44 هجري، ودُفِنت في البقيع، وكانت قد دعت عائشة رضي الله عنها قبل وفاتها، فقالت: "قد يكون بيننا وبين الضرائر فغفر لي ولك ما كان من ذلك"، فقالت عائشة رضي الله عنها: "غفر الله لك ذلك كله وتجاوز وحلك من ذلك"، فقالت أم حبيبة رضي الله عنها: "سررتني سرّك الله". وأرسلت إلى أم سلمة رضي الله عنها فقالت لها: "مثل ذلك". وفي هذا إشارة إلى ما يجب على المسلمين أن يفعلوه قبل ساعة الموت، ألا وهو التسامح والمغفرة، كما فعلت أم حبيبة مع أمهات المؤمنين رضوان الله تعالى عليهن أجمعين |
:المواضيع المنوعة
:أقسام الموقع
|