قَصَص القرآن الكريم
الخِضر عليه السلام
في زمن التيه عندما رفض بنو إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة، كان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ما زال يعظهم وينصحهم ويعلّمهم ما أوحي إليه من التوراة. فظن أنه أكثر الأشخاص علماً على الأرض، حتى أن قال له الله عز وجل بأن هناك من أوتي بعِلم أكثر من عِلم سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام. فعرف سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أنه تسرّع في القول، فاستغفر الله عز وجل وطلب منه أن يلاقي هذا الرجل كي يتعلم منه
بدأ موسى رحلته وأخذ معه فتىً، وهو يوشع بن نون عليه السلام. وذكر الله سبحانه وتعالى قصتهم في سورة الكهف من الآية 60 إلى الآية 82. يقول الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} الكهف: 60. انطلقا الاثنين لرحلتهما قاصدين الشخص الذي أعطاه الله عز وجل العِلم، وهو الخِضر عليه السلام، وطلب من سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أن يأخذ معه حوتاً (سمكة). وقال له الله عز وجل بأنهما سيلاقيان الخِضر عليه السلام عندما يفقدان هذا الحوت
ثم عند وصولهما مجمع البحرين أخذا قسطاً من الراحة، وهنا رأى يوشع عليه السلام معجزة، وهي الحوت الذي أعاد الله عز وجل إليه الحياة وقفز إلى البحر وأخذ طريقه في البحر. ثم استكملا الرحلة وقد نسي يوشع عليه السلام بأن يخبر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام عن ما رآه من الحوت. ثم قال سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ليوشع عليه السلام بأن يحضر الغداء لأنهما تعبا، وهو الحوت. فأخبره يوشع عليه السلام أنه قد نسي بأن يخبره عمّا جرى للحوت، ففرح سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وعرف أن المكان الذي أخذا فيه قسطاً من الراحة هو المكان الذي يوجد به الخِضر عليه السلام، فرجعا إلى ذلك المكان الذي فيه مجمع البحرين {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} الكهف: 61-64
وعند قدومهما وجدا الخِضر عليه السلام. فقال له سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً؟ مع أنه نبي من الله عز وجل ولكنه سأل الخِضر عليه السلام بكل أدب وتواضع. فقال له الخِضر عليه السلام أنه لن يصبر معه على ما سيراه في رحلتهما، فقال له سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أنه سيجده من الصابرين إن شاء الله تعالى، فقال له الخِضر عليه السلام بأن لا يسأله عن أي شيء حتى يخبره به هو نفسه {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} الكهف: 65-70
وبدأت الرحلة، فوصلا إلى سفينة وطلبوا من أهلها أن يركبا معهم، فوافق أهل السفينة، ثم خرقها الخِضر عليه السلام وجعل فيها شقٌ، فقال له سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} الكهف: 71. فقال له الخِضر عليه السلام {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} الكهف: 72. فنسي سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وعده وقال {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} الكهف: 73
وثم استكملا الرحلة حتى وصلا إلى منطقة، فوجدا فيها ولد، فقتله الخِضر عليه السلام. فلم يستطع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام السكوت فحدّثه بما فعله الخِضر عليه السلام وأنه عمل شيئاً نكراً، ولكن الخضر عليه السلام ذكّره مرة أخرى بما قاله لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام قبل رحلتهما. ونسي سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام مرة أخرى فقال للخِضر عليه السلام بأن لا يصاحبه إذا سأله عن شيء مرة أخرى {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا (75) قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا} الكهف: 74-76
ثم وصلا إلى قرية، وطلبا من أهل القرية أن يطعموهما، فرفضا أهل القرية أن يضيّفوهما. وكان في القرية جدار لبيت أراد أن يقع، فذهب الخِضر عليه السلام وأصلحه وعدّله، بعد أن رأى ذلك سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ورأى أسلوب أهل القرية لعدم وجود الكرم فيهم قال للخِضر عليه السلام لو شئت لأخذت على ما فعلته أجراً. وهنا قال الخِضر عليه السلام هذا فراق بيني وبينك، لأن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وعده بذلك، فقال أنه سيخبر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بتفسير كل ما فعله في رحلتهما والتي لم يصبر عليها سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} الكهف: 77-78
فقال له الخِضر عليه السلام، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر، وكان هناك ملك ظالم يأخذ كل سفينة سليمة غصباً، فأراد الخِضر عليه السلام أن يضع شق فيها كي لا تكون سليمة ومن ثم يتركها الملك ويبحث عن سفينة أخرى غيرها. فإن إصلاح هذا الشق في السفينة لن يكون أغلى ثمناً من أن يخسر أهلها السفينة بأكملها، فبقيت السفينة مع أهلها
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} الكهف: 79}
أما الغلام فكان كافراً، وكان أبواه مؤمنيْن، فقتله الخِضر كي لا يرهقهم الغلام بكفره، عسى الله عز وجل أن يبدلهما بغلامٍ صالح غيره. وذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن الأبوان قد رُزقا بغلامٍ أفضل من الغلام الذي قد قُتل {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} الكهف: 80-81
وأما الجدار فكان لغلاميْن يتيميْن في المدينة، وكان أبوهما رجلاً صالحاً، فأراد الله عز وجل أن يكبرا الغلاميْن لأن تحت الجدار يوجد كنزٌ لهما ولكي يستخرجاه، فذهب الخِضر عليه السلام وأقام الجدار وأصلحه لهما {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} الكهف: 82
وهذا ما تعلّمه سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام من الخِضر عليه السلام، وعرف أن أسباب ما فعله الخِضر عليه السلام لم تكن من أمرٍ منه بل من أمرٍ ورحمة من الله عز وجل، وكانت هذه تفاسير الأحداث التي لم يصبر عليها سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام
بدأ موسى رحلته وأخذ معه فتىً، وهو يوشع بن نون عليه السلام. وذكر الله سبحانه وتعالى قصتهم في سورة الكهف من الآية 60 إلى الآية 82. يقول الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} الكهف: 60. انطلقا الاثنين لرحلتهما قاصدين الشخص الذي أعطاه الله عز وجل العِلم، وهو الخِضر عليه السلام، وطلب من سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أن يأخذ معه حوتاً (سمكة). وقال له الله عز وجل بأنهما سيلاقيان الخِضر عليه السلام عندما يفقدان هذا الحوت
ثم عند وصولهما مجمع البحرين أخذا قسطاً من الراحة، وهنا رأى يوشع عليه السلام معجزة، وهي الحوت الذي أعاد الله عز وجل إليه الحياة وقفز إلى البحر وأخذ طريقه في البحر. ثم استكملا الرحلة وقد نسي يوشع عليه السلام بأن يخبر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام عن ما رآه من الحوت. ثم قال سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ليوشع عليه السلام بأن يحضر الغداء لأنهما تعبا، وهو الحوت. فأخبره يوشع عليه السلام أنه قد نسي بأن يخبره عمّا جرى للحوت، ففرح سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وعرف أن المكان الذي أخذا فيه قسطاً من الراحة هو المكان الذي يوجد به الخِضر عليه السلام، فرجعا إلى ذلك المكان الذي فيه مجمع البحرين {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} الكهف: 61-64
وعند قدومهما وجدا الخِضر عليه السلام. فقال له سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً؟ مع أنه نبي من الله عز وجل ولكنه سأل الخِضر عليه السلام بكل أدب وتواضع. فقال له الخِضر عليه السلام أنه لن يصبر معه على ما سيراه في رحلتهما، فقال له سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أنه سيجده من الصابرين إن شاء الله تعالى، فقال له الخِضر عليه السلام بأن لا يسأله عن أي شيء حتى يخبره به هو نفسه {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} الكهف: 65-70
وبدأت الرحلة، فوصلا إلى سفينة وطلبوا من أهلها أن يركبا معهم، فوافق أهل السفينة، ثم خرقها الخِضر عليه السلام وجعل فيها شقٌ، فقال له سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} الكهف: 71. فقال له الخِضر عليه السلام {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} الكهف: 72. فنسي سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وعده وقال {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} الكهف: 73
وثم استكملا الرحلة حتى وصلا إلى منطقة، فوجدا فيها ولد، فقتله الخِضر عليه السلام. فلم يستطع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام السكوت فحدّثه بما فعله الخِضر عليه السلام وأنه عمل شيئاً نكراً، ولكن الخضر عليه السلام ذكّره مرة أخرى بما قاله لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام قبل رحلتهما. ونسي سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام مرة أخرى فقال للخِضر عليه السلام بأن لا يصاحبه إذا سأله عن شيء مرة أخرى {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا (75) قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا} الكهف: 74-76
ثم وصلا إلى قرية، وطلبا من أهل القرية أن يطعموهما، فرفضا أهل القرية أن يضيّفوهما. وكان في القرية جدار لبيت أراد أن يقع، فذهب الخِضر عليه السلام وأصلحه وعدّله، بعد أن رأى ذلك سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ورأى أسلوب أهل القرية لعدم وجود الكرم فيهم قال للخِضر عليه السلام لو شئت لأخذت على ما فعلته أجراً. وهنا قال الخِضر عليه السلام هذا فراق بيني وبينك، لأن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وعده بذلك، فقال أنه سيخبر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بتفسير كل ما فعله في رحلتهما والتي لم يصبر عليها سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} الكهف: 77-78
فقال له الخِضر عليه السلام، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر، وكان هناك ملك ظالم يأخذ كل سفينة سليمة غصباً، فأراد الخِضر عليه السلام أن يضع شق فيها كي لا تكون سليمة ومن ثم يتركها الملك ويبحث عن سفينة أخرى غيرها. فإن إصلاح هذا الشق في السفينة لن يكون أغلى ثمناً من أن يخسر أهلها السفينة بأكملها، فبقيت السفينة مع أهلها
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} الكهف: 79}
أما الغلام فكان كافراً، وكان أبواه مؤمنيْن، فقتله الخِضر كي لا يرهقهم الغلام بكفره، عسى الله عز وجل أن يبدلهما بغلامٍ صالح غيره. وذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن الأبوان قد رُزقا بغلامٍ أفضل من الغلام الذي قد قُتل {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} الكهف: 80-81
وأما الجدار فكان لغلاميْن يتيميْن في المدينة، وكان أبوهما رجلاً صالحاً، فأراد الله عز وجل أن يكبرا الغلاميْن لأن تحت الجدار يوجد كنزٌ لهما ولكي يستخرجاه، فذهب الخِضر عليه السلام وأقام الجدار وأصلحه لهما {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} الكهف: 82
وهذا ما تعلّمه سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام من الخِضر عليه السلام، وعرف أن أسباب ما فعله الخِضر عليه السلام لم تكن من أمرٍ منه بل من أمرٍ ورحمة من الله عز وجل، وكانت هذه تفاسير الأحداث التي لم يصبر عليها سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام