سورة البقرة
تم التحديث في جُمادى الأولى 1442 / كانون الأول 2020
السورة الثانية في المصحف الشريف وعدد آياتها 286 إلّا الآية 281 ونزلت بِمِنَى في حجّة الوداع. أول سورة أنزلها الله عز وجل في المدينة المنوّرة. وفيها آية الكُرسي (الآية رقم 255) وهي أعظم آية في القرآن الكريم
جاءت تسميتها البقرة إحياء لذكرى تلك المعجزة الباهرة، التي ظهرت في زمن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، حيث قُتِل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله، فعرضوا الأمر على سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لعلّه يعرف القاتل، فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه أن يأمرهم بذبح بقرة، وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله عز وجل، ويخبرهم عن القاتل، وتكون برهانًا على قدرة الله جل وعلا في إحياء الخلق بعد الموت. رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إنّ الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة". وقال صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا الزهراويْن: البقرة وآل عِمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة السحرة". رواه مُسلم. وذكر الله عز وجل لون البقرة أنه أصفر فاقع اللون يسر الناظرين سورة البقرة أطول سور القرآن الكريم على الإطلاق، وهي من السور المدنية التي تُعنَى بجانب التشريع، شأنها كشأن سائر السور المدنية، التي تعالج النظم والقوانين التشريعية التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم الاجتماعية. وقراءة القرآن الكريم فيه شفاء للناس وكذلك سورة البقرة، خاصة الآيتيْن الأخيرتيْن اشتملت السورة الكريمة على معظم الأحكام التشريعية: في العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، وفي أمور الزواج، والطلاق، والعدة، وغيرها من الأحكام الشرعية. وتناولت الحديث عن صفات المؤمنين، والكافرين، والمنافقين، فوضحت حقيقة الإيمان، وحقيقة الكفر والنفاق. ثم تحدثت عن بدء الخليقة، فذكرت قصة أبي البشر آدم عليه الصلاة والسلام. ثم تحدثت السورة بالإسهاب عن أهل الكتاب، وبوجه خاص بني إسرائيل اليهود لأنهم كانوا مجاورين للمسلمين في المدينة المنورة فنبّهت المؤمنين إلى خبثهم ومكرهم، وما تنطوي عليه نفوسهم الشريرة، من اللؤم، والغدر، والخيانة، ونقض العهود والمواثيق بقية السورة تحدثت عن جانب التشريع لأن المسلمين كانوا في بداية تكوين الدولة الإسلامية، وهم في أمسّ الحاجة إلى المنهاج الرباني، والتشريع السماوي، الذي يسيرون عليه في حياتهم سواء في العبادات أو المعاملات، ولذا فإن جماع السورة يتناول الجانب التشريعي: أحكام الصوم مفصلة بعض التفصيل، وأحكام الحج والعمرة، وأحكام الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، وشؤون الأسرة، وما يتعلّق بها من الزواج، والطلاق، والرضاع، والعدة، وتحريم نكاح المشركات، والتحذير من معاشرة النساء في حالة الحيض. ثم تحدثت السورة عن جريمة الربا وملابساتها، ثم أعقب ذلك التحذير من أهوال يوم القيامة وفي سورة البقرة أيضاً قصة الملكان هاروت وماروت (الآية 102). منهم من قال أنهما من الجن أو الإنس، ومنهم من قالوا أنهما ملكان أنزلهما الله عز وجل في بابل ليمتحن الناس ويرى مدى قوة إيمانهم. فكانا هاروت وماروت يعلّمان الناس السحر وبنفس الوقت يحذّرانهم من السحر ويقولا للناس أنهما فتنة وينصحان الناس بأن لا يكفروا. وفضحت الآية الكريمة الشياطين بأفعالهم أن السحر منهم وليس من سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام كما زعموا وذكر الله عز وجل في سورة البقرة تغيير موقع القِبلة، حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوجه نحو الشمال لجهة المسجد الأقصى للصلاة عندما كان في مكّة المكرّمة، وذلك منذ أن فرضت الصلوات الخمس على المسلمين حتى هجرته إلى المدينة المنوّرة. وفي المدينة المنوّرة بقي يصلي نحو جهة المسجد الأقصى حوالي سنة ونصف السنة حتى أنزل الله سبحانه وتعالى الأية الكريمة. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا صلّى رفع وجهه إلى السماء لينتظر من الله عز وجل أن يغيّر مكان القِبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام. واختلف بعض الناس في سبب تحويل القبلة إلى مكّة المكرّمة، فمنهم قال لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كره أن تكون له قبلة مع اليهود، فيقولون: يتبع النبي قبلتنا ويخالف ديننا، فبهذا أصبحت للرسول صلى الله عليه وسلم قبلة خاصة به وللمسلمين. وقيل أيضاً أن سبب تحويل القبلة إلى مكّة المكرّمة لأن مكّة المكرّمة كانت قبلة أبو الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون قبلته نحو مكّة المكرّمة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السًّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} البقرة: 144. وقد رواه البُخاري عن حديث الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار، وأنه صلّى قبل بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَل البيت، وأنه أول صلاة صلّاها صلاة العصر، وصلّى معه قوم، فخرج رجل ممّن صلّى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فأخبرهم بأنه صّلى مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة المشرّفة، فداروا كما هم قِبَل البيت وختمت السورة الكريمة بتوجيه المؤمنين إلى التوبة والإنابة، والتضرع إلى الله جلّ وعلا، وطلب النصرة على الكفار، والدعاء لما فيه سعادة الدارين {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} البقرة: 286. وهكذا بدأت السورة بأوصاف المؤمنين، وختمت بدعاء المؤمنين ليتناسق البدء مع الختام |
:المواضيع المنوعة
:أقسام الموقع
|