سليمان عليه الصلاة والسلام
نبي من أنبياء الله عز وجل، وابن نبي الله داود عليه الصلاة والسلام. كانت فترته في حوالي 1000-900ق.م
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} ص: 30}
كان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام قاضياً عادلاً، كما هو الحال كان مع أبيه سيدنا داود عليه الصلاة والسلام. وسخر الله عز وجل النحاس فأصبح كالعجين بيد سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام من أجل الحرب كما سخّر الله عز وجل الحديد لسيدنا داود عليه الصلاة والسلام، ووهب الله عز وجل له المُلك، فكما كان سيدنا داود عليه الصلاة والسلام يحكم بالعدل كان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام يفعل نفس الشيء، وكانا يوافقان الرأي كما حدث مع قصة الغنم التي أكلت حقل أحد المزارعين، فقال سيدنا داود عليه الصلاة والسلام قراره، ثم سمع رأي سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ووافق الأب على رأي ابنه عليهما الصلاة والسلام. من معجزات سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام أن سخّر الله عز وجل له الريح والإنس والجن والدواب والطير ليعملوا له، ويطيعوا أمره {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاص} ص: 35-37
كان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام يحب الخيل كثيراً، والتي تسمّى بالصافنات، وهي من أفضل وأسرع أنواع الخيول، فيوم من الأيام عُرضت الخيل عليه عصراً، ونسي أن يذكر الله عز وجل حتى أن غابت الشمس. فاستغفر الله عز وجل على ما فعله، ومسح أعراف الخيل وعراقيبها حباً لها {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} ص: 31-33
وقال الفخر الرازي أن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ابتلي بمرض لم يستطع الإنس والجن ولا الأطباء بإيجاد العلاج، فاستمر المرض معه ولكن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام كان يدعو ربه عز وجل ويستغفره حتى أن شفاه الله عز وجل. وهذا يدل على أنه مهما ملك العبد من الخيرات، فهو لا يستطيع أن يفعل أي شيء دون ذكر الله عز وجل
ومن معجزاته أيضاً أنه كان يفهم لغة الحيوانات. ويوم من الأيام كان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام يمشي وجنوده معه، فسمع كلام نملة تقول لأهلها النمل بأن يدخلوا بيوتهم قبل أن يحطّمهم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام وجنوده وهم لا يشعرون، فتبسّم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ضاحكاً وحمد الله عز وجل على هذه النعم {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} النمل: 18
وفي يوم من الأيام ذهب سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ليتفقد جيشه المكوّن من الحيوانات والإنس والجن، فلاحظ أن هناك جندي مفقود، وهو طائر الهدهد. فلم يعجب ذلك سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام لأن الطائر خالف أوامر سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فقال بأنه سيقتل الطائر وسيذبحه إن لم يأت له بعذر
جاء طائر الهدهد لسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وكان معه عذره، فجاء مسرعاً له وقال له بأن هناك قوم يعبدون الشمس من دون الله عز وجل، وهم قوم سبأ {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} النمل: 23-24
فعندما سمع ذلك سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، أراد أن يعرف حقيقة هذا الأمر فكتب رسالة وقال لطائر الهدهد بأن يرسلها إليهم كي يتبيّن إن كان طائر الهدهد على حق أم لا {قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} النمل: 27-28
أخذ طائر الهدهد الرسالة وذهب بها إلى قوم سبأ، وكانت تحكمهم ملكة اسمها بلقيس. فرما الهدهد الرسالة دون أن ينتبهوا له ورجع. فقرأتها وقالت ماذا في داخل الرسالة أهل قرية سبأ، وكان في الكتاب رسالة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ووضّح فيها أن الكتاب من سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام وأنه بسم الله الرحمن الرحيم، وأن يأتوه مسلمين. ولم يعجبهم الكلام وقالوا لها أن الأمر أمرها في ما تطلبه، وكونها ملكة عادلة، فقالت بأن يردّوا على رسالة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بهدية منهم، كونهم يملكون المال وقوة الجنود، واعتقدت أن تلك الهدية ربما تجعل سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام يرضى بها {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} النمل: 29-35
ذهب أحد جنود الملكة بلقيس ليرسل الهدية لسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وعندما وصل مكان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فوجئ بفخامة المنطقة وكثرة جنوده المكوّنة ليس فقط من الإنس، بل الجن والحيوانات والطير، وفوجئ بما يملك سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وشعر بأن الهدية التي معه لا مقارنة لها بما يملكه سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام. ثم أعطى الهدية لسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فرد عليه سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بجواب أقوى منه، وقال له بأن هديته هذه لا تعني شيئاً، حيث أن الله عز وجل وهب له الملك والخير {فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُم صَاغِرُونَ} النمل: 36-37
رجع الجندي خائباً إلى سبأ، وقال للملكة بلقيس بما رآه وقال بأنهم لن يستطيعوا التغلب على سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام لقوة جيشه وما يمتلكه، فقررت بلقيس رداً على رسالة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام أن تذهب وتقابله، في الوقت نفسه جعلت جنودها يحرسون عرشها الذي أُغلق عليه ووضُع تحت حراسة شديدة
سأل سيدنا سليمان أحد جنوده من الجن أيهم يستطيع أن يحضر عرش الملكة بلقيس إليه قبل أن تصل، فقال أحد الجن أنه يستطيع فعل ذلك قبل أن يقوم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام من عرشه، ثم قال له الجن الآخر أنه يستطيع أن يحضره بسرعة أسرع من ذلك بحيث إذا رفع سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام رأسه إلى السماء ثم نظر إلى الأسفل وجد العرش أمامه. فوافق سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وتم إحضار عرش الملكة بلقيس الذي كان تحت حراسة شديدة، لأن هذه مشيئة الله عز وجل وحكمته. فحمد سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام الله عز وجل وقال هذا من فضل ربي. ثم قال لهم بأن يغيروا فيه بعض التغيرت ربما تعرفه أم لا فتكون من المهتدين أم لا. ثم أمرهم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ببناء قصر وبناء بلاط من زجاج فوق الماء بحيث إذا وقفت عليه الملكة بلقيس تشعر بأنها ستقع في الماء {قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ} النمل: 38-41
وصلت الملكة بلقيس إلى قصر سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فعندما قابلته رأت عرشها، ولكنها لم تصدّق ما رأته، فاعتقدت أنه يشبه عرشها، ولكن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام قال لها بأن هذا عرشها، علما بأنه لم يره من قبل. ثم دعاها إلى القصر الذي أمر ببنائه، ما دخلت القصر ووضعت قدمها، رأت الماء أسفلها وجمال منظر البحر، فرفعت ملابسها وكشفت عن ساقها من الأسفل اعتقاداً بأن ملابسها ستبتل من الماء، فقال لها سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بأن البلاط مصنوع من زجاج فلا داعي للخوف، في هذا الوقت أدركت الملكة بلقيس ما كانت تعلمه من خطأ، وأعلنت إسلامها وآمنت بأن الله عز وجل وحده لا شريك له {فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} النمل: 42-44
توفي سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بطريقة عجيبة وبقدرة من الله عز وجل، حيث أن الجن كانوا يخافون سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فبينما هو قاعد يراقبهم وهم يعملون إذ توفاه الله عز وجل، وكان متّكئاً على عصاته وهو على الكرسي. وأصبح على هذا الوضع لأيام كثيرة والجن كانوا يعتقدون أنه كان يصلّي كعادته، حتى أن جاءت دابة الأرض وهي نملة تأكل الخشب، فأكلت الجزء الأسفل من العصا الملامس للأرض، وبعدها لم يصبح أي توازن للعصا فارتطم جسد سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام العظيم بالأرض، فأسرعوا إليه، ثم أدركوا أنه كانت متوفي منذ فترة. وهذه من آيات الله عز وجل بأنه لا أحد يعلم الغيب، لا الإنس ولا الجن ولا السحرة، سوى الله عز وجل
أول من قال جملة بسم الله الرحمن الرحيم هو سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وقد وردت البسملة مرتين في سورة النمل
جاءت الشياطين بكذبة أن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام كان ساحراً، ولكنهم لم يستطيعوا قول هذه الأكاذيب أمامه، إلّا بعد أن توفي. فذكر الله عز وجل في سورة البقرة الآية 102 كذب الشياطين وأثبت لهم حقيقة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلم بأنه نبي وليس بساحر
ذكر الله عز وجل اسم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم 17 مرة في 16 آية كريمة
:المصادر
http://quran.muslim-web.com
http://www.alencyclopedia.net
http://www.islam.mrzky.com
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} ص: 30}
كان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام قاضياً عادلاً، كما هو الحال كان مع أبيه سيدنا داود عليه الصلاة والسلام. وسخر الله عز وجل النحاس فأصبح كالعجين بيد سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام من أجل الحرب كما سخّر الله عز وجل الحديد لسيدنا داود عليه الصلاة والسلام، ووهب الله عز وجل له المُلك، فكما كان سيدنا داود عليه الصلاة والسلام يحكم بالعدل كان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام يفعل نفس الشيء، وكانا يوافقان الرأي كما حدث مع قصة الغنم التي أكلت حقل أحد المزارعين، فقال سيدنا داود عليه الصلاة والسلام قراره، ثم سمع رأي سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ووافق الأب على رأي ابنه عليهما الصلاة والسلام. من معجزات سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام أن سخّر الله عز وجل له الريح والإنس والجن والدواب والطير ليعملوا له، ويطيعوا أمره {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاص} ص: 35-37
كان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام يحب الخيل كثيراً، والتي تسمّى بالصافنات، وهي من أفضل وأسرع أنواع الخيول، فيوم من الأيام عُرضت الخيل عليه عصراً، ونسي أن يذكر الله عز وجل حتى أن غابت الشمس. فاستغفر الله عز وجل على ما فعله، ومسح أعراف الخيل وعراقيبها حباً لها {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} ص: 31-33
وقال الفخر الرازي أن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ابتلي بمرض لم يستطع الإنس والجن ولا الأطباء بإيجاد العلاج، فاستمر المرض معه ولكن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام كان يدعو ربه عز وجل ويستغفره حتى أن شفاه الله عز وجل. وهذا يدل على أنه مهما ملك العبد من الخيرات، فهو لا يستطيع أن يفعل أي شيء دون ذكر الله عز وجل
ومن معجزاته أيضاً أنه كان يفهم لغة الحيوانات. ويوم من الأيام كان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام يمشي وجنوده معه، فسمع كلام نملة تقول لأهلها النمل بأن يدخلوا بيوتهم قبل أن يحطّمهم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام وجنوده وهم لا يشعرون، فتبسّم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ضاحكاً وحمد الله عز وجل على هذه النعم {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} النمل: 18
وفي يوم من الأيام ذهب سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ليتفقد جيشه المكوّن من الحيوانات والإنس والجن، فلاحظ أن هناك جندي مفقود، وهو طائر الهدهد. فلم يعجب ذلك سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام لأن الطائر خالف أوامر سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فقال بأنه سيقتل الطائر وسيذبحه إن لم يأت له بعذر
جاء طائر الهدهد لسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وكان معه عذره، فجاء مسرعاً له وقال له بأن هناك قوم يعبدون الشمس من دون الله عز وجل، وهم قوم سبأ {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} النمل: 23-24
فعندما سمع ذلك سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، أراد أن يعرف حقيقة هذا الأمر فكتب رسالة وقال لطائر الهدهد بأن يرسلها إليهم كي يتبيّن إن كان طائر الهدهد على حق أم لا {قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} النمل: 27-28
أخذ طائر الهدهد الرسالة وذهب بها إلى قوم سبأ، وكانت تحكمهم ملكة اسمها بلقيس. فرما الهدهد الرسالة دون أن ينتبهوا له ورجع. فقرأتها وقالت ماذا في داخل الرسالة أهل قرية سبأ، وكان في الكتاب رسالة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ووضّح فيها أن الكتاب من سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام وأنه بسم الله الرحمن الرحيم، وأن يأتوه مسلمين. ولم يعجبهم الكلام وقالوا لها أن الأمر أمرها في ما تطلبه، وكونها ملكة عادلة، فقالت بأن يردّوا على رسالة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بهدية منهم، كونهم يملكون المال وقوة الجنود، واعتقدت أن تلك الهدية ربما تجعل سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام يرضى بها {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} النمل: 29-35
ذهب أحد جنود الملكة بلقيس ليرسل الهدية لسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وعندما وصل مكان سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فوجئ بفخامة المنطقة وكثرة جنوده المكوّنة ليس فقط من الإنس، بل الجن والحيوانات والطير، وفوجئ بما يملك سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وشعر بأن الهدية التي معه لا مقارنة لها بما يملكه سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام. ثم أعطى الهدية لسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فرد عليه سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بجواب أقوى منه، وقال له بأن هديته هذه لا تعني شيئاً، حيث أن الله عز وجل وهب له الملك والخير {فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُم صَاغِرُونَ} النمل: 36-37
رجع الجندي خائباً إلى سبأ، وقال للملكة بلقيس بما رآه وقال بأنهم لن يستطيعوا التغلب على سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام لقوة جيشه وما يمتلكه، فقررت بلقيس رداً على رسالة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام أن تذهب وتقابله، في الوقت نفسه جعلت جنودها يحرسون عرشها الذي أُغلق عليه ووضُع تحت حراسة شديدة
سأل سيدنا سليمان أحد جنوده من الجن أيهم يستطيع أن يحضر عرش الملكة بلقيس إليه قبل أن تصل، فقال أحد الجن أنه يستطيع فعل ذلك قبل أن يقوم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام من عرشه، ثم قال له الجن الآخر أنه يستطيع أن يحضره بسرعة أسرع من ذلك بحيث إذا رفع سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام رأسه إلى السماء ثم نظر إلى الأسفل وجد العرش أمامه. فوافق سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وتم إحضار عرش الملكة بلقيس الذي كان تحت حراسة شديدة، لأن هذه مشيئة الله عز وجل وحكمته. فحمد سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام الله عز وجل وقال هذا من فضل ربي. ثم قال لهم بأن يغيروا فيه بعض التغيرت ربما تعرفه أم لا فتكون من المهتدين أم لا. ثم أمرهم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ببناء قصر وبناء بلاط من زجاج فوق الماء بحيث إذا وقفت عليه الملكة بلقيس تشعر بأنها ستقع في الماء {قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ} النمل: 38-41
وصلت الملكة بلقيس إلى قصر سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فعندما قابلته رأت عرشها، ولكنها لم تصدّق ما رأته، فاعتقدت أنه يشبه عرشها، ولكن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام قال لها بأن هذا عرشها، علما بأنه لم يره من قبل. ثم دعاها إلى القصر الذي أمر ببنائه، ما دخلت القصر ووضعت قدمها، رأت الماء أسفلها وجمال منظر البحر، فرفعت ملابسها وكشفت عن ساقها من الأسفل اعتقاداً بأن ملابسها ستبتل من الماء، فقال لها سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بأن البلاط مصنوع من زجاج فلا داعي للخوف، في هذا الوقت أدركت الملكة بلقيس ما كانت تعلمه من خطأ، وأعلنت إسلامها وآمنت بأن الله عز وجل وحده لا شريك له {فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} النمل: 42-44
توفي سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بطريقة عجيبة وبقدرة من الله عز وجل، حيث أن الجن كانوا يخافون سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فبينما هو قاعد يراقبهم وهم يعملون إذ توفاه الله عز وجل، وكان متّكئاً على عصاته وهو على الكرسي. وأصبح على هذا الوضع لأيام كثيرة والجن كانوا يعتقدون أنه كان يصلّي كعادته، حتى أن جاءت دابة الأرض وهي نملة تأكل الخشب، فأكلت الجزء الأسفل من العصا الملامس للأرض، وبعدها لم يصبح أي توازن للعصا فارتطم جسد سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام العظيم بالأرض، فأسرعوا إليه، ثم أدركوا أنه كانت متوفي منذ فترة. وهذه من آيات الله عز وجل بأنه لا أحد يعلم الغيب، لا الإنس ولا الجن ولا السحرة، سوى الله عز وجل
أول من قال جملة بسم الله الرحمن الرحيم هو سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وقد وردت البسملة مرتين في سورة النمل
جاءت الشياطين بكذبة أن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام كان ساحراً، ولكنهم لم يستطيعوا قول هذه الأكاذيب أمامه، إلّا بعد أن توفي. فذكر الله عز وجل في سورة البقرة الآية 102 كذب الشياطين وأثبت لهم حقيقة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلم بأنه نبي وليس بساحر
ذكر الله عز وجل اسم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم 17 مرة في 16 آية كريمة
:المصادر
http://quran.muslim-web.com
http://www.alencyclopedia.net
http://www.islam.mrzky.com