رمضان: في الماضي والحاضر
هو شهر الصوم والعبادة، شهر الطاعات والخير، شهر البركة وشهر ليلة القدر. لها شأن كبير في الإسلام، حيث أن الله عز وجل أنزل القرآن الكريم على سيدنا الطاهر محمد صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة المباركة. إنه شهر رمضان المبارك. ولكن، ما هو شهر رمضان في يومنا هذا وفي الأيام الماضية؟
اعلم أنه أينما يوجد الإسلام، يوجد الأمان والرحمة وهذا الشهر الفضيل وغيرها من الأيام المباركة. فهو الدين الحنيف والدين الحق إلى يوم الدين. لكن المشكلة ليست في الدين، بل في العادات التي أصبحت جزءاً كبيراً من دول العالم، وبالأخص الدول العربية المسلمة. أصبح الناس يستخدموا الدين كأداة تجارة لمصالحهم. فهل ينتظر الناس شهر رمضان من أجل المغفرة والتوبة والتقرب إلى الله عز وجل، أم هل ينتطرونه لبدء السهرات وزيارة الناس والتنوع في الأطعمة؟ للأسف أصبح الكثير من المسلمين ينظرون إلى رمضان كشهر يختلف عن باقي الأشهر، وذلك لأن فيه جو يختلف عن باقي الأشهر. يبدأ الناس بالصيام نهاراً وتُغلق أغلب المطاعم، وبعد الإفطار يعود الناس لعملهم، مما يعطي بهجة لهذا الشهر وفيه تكثر حركة الناس بعد وقت المغرب. هل أصبح شهر رمضان من الوسائل التي يستخدمها الإعلام لجلب المال لهم؟ وهل أصبح شهر رمضان أيضاً وسيلة لأصحاب المحلات لجلب المال عن طريق رفع الأسعار؟ هل كان شهر رمضان على هذا الحال في السابق؟ الكثير من المعارك التي شهدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت في شهر رمضان. هناك بعض النقاط أريد أن أوضحها. أولاً: لم تكن هناك وسائل مواصلات سهلة كما هو الحال الآن، كانوا يستخدمون الجمال والخيول والحمير. وكانت رحلاتهم تمتد من أيامٍ إلى أسابيع، وقد تصل إلى أكثر من شهر. ثانياً: لم يكن هناك ما يسمى بالتكنولوجيا، أي المكيفات أو أجهزة التدفئة أو ثلاجات لتمنحهم الراحة. ثالثاً: لم يصوموا الشهر كي ينتظروا الإفطار بفارغ الصبر لوضع الولائم والإفراط في الأكل. الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحاربون في شهر رمضان، كانوا يعملون في شهر رمضان، كانوا يقرؤون آيات القرآن الكريم في شهر رمضان ويحفظونها ويحفظون الأحاديث ويدرسونها، كانوا يتفرغون لهذه الأمور المهمة. بينما الآن، وليس الجميع طبعاً، هناك من بقي على هذا النمط كي يكسبوا مرضاة الله عز وجل. وهناك من يبدأ بالصلاة وقراءة القرآن الكريم فقط في شهر رمضان المبارك. ثم بعدها الله أعلم ماذا يفعلون. وربما للأسف نرى بعض الصائمين يشتمون البعض بحجة أنهم صائمون ولا يريدون الإزعاج من النتائج السلبية التي نشهدها في عصرنا اليوم هي وسائل الإعلام. استخدام الدعاية ووسائل التواصل الاجتماعي بطريقة سلبية، ووضع برامج لا فائدة منها للترفيه كي لا يشعر الصائم بالتعب والملل أثناء الصيام، فيبدأ المنتجون بخطة وبتكلفة تقدر بالملايين لتجهيز تلك البرامج في هذا الشهر الفضيل. وما الفائدة من ذلك؟ لا فائدة سوى أنهم يكسبون الإثم أثناء الصيام لو فكر الإنسان بقراءة فقط صفحة واحدة من القرآن الكريم، ولن تستغرق من وقته سوى بضع دقائق، فإن الله عز وجل سيعطيه ثواب من غير حساب. كل حرف بحسنة، وكل حسنة بعشر أمثالها، وفي شهر رمضان تصبح الحسنة بسبعين ضعفاً. ولكن البعض ربما يجد ثقل فوق كتفيه في قراءة صفحة واحدة، وإذا قرأ هذه الصفحة ربما يقرأها بطريقة سريعة. الهدف هو ليس إنهاء القراءة من القرآن الكريم بأسرع وقت ممكن، إنما فهم القرآن الكريم ومعرفة معانيه وهناك من يقول، إنهم الصحابة رضي الله عنهم، لا نقارن أنفسنا بهم، لأنهم ذات قوة وإيمان. وأنا أقول، إنهم أيضاً بشر مثلكم، ما الفرق بيننا وبينهم؟ حتى أجد أن الأمر الآن أصبح أكثر سهولة لنا بعد توفر الخدمات والوسائل المتنقلة، ومع ذلك نشعر بالكسل في فعل أي شيء يتعلق بالإسلام. وحتى بعد عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم برز أبطال مسلمون صاموا شهر رمضان المبارك وحاربوا فيه، ولم يفكروا كيف يمكنهم صيام شهر رمضان المبارك بطريقة ممتعة. والله أعلم من الجيل الذي سيأتي من بعدنا وفي الأخير لا أطلب منك أن تقاتل في شهر رمضان، الإنسان مخيّر وليس مسيّر، وأعماله حسب نيته. ولكن تستطيع أن تفعل أمور بسيطة لها ثواب كبير عند الله عز وجل، كقراءة القرآن الكريم، الزكاة، والجهاد في سبيل الله عز وجل. وكلمة جهاد لا تعني القتال في سبيل الله فقط كما يظنها الكثير من الغرب. إذا ذهبت إلى عملك فأنت تجاهد. إذا عملت بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فأنت تجاهد. إذا تحدثت لشخص ما سواءً كان جارك أم شخص غريب عن الإسلام ونصحته فإنك تجاهد وتكون قد أديت مهمة الدعوة. كل هذه الأمور بسيطة. لكن هل سنفعلها؟ افعل ما تستطيع من أعمال الخير ليس فقط في شهر رمضان المبارك، بل في أي يوم من أيام السنة، لأنه في يوم القيامة لن تكون هناك أي فرصة للتوبة {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} الانفطار: 17-19. اللهم بلغنا رمضان واهدينا إلى الصراط المستقيم واحشرنا مع الأبرار، إنك على كل شيء قدير |
:المواضيع المنوعة
:أقسام الموقع
|