آدم عليه الصلاة والسلام
تم التحديث في ذي الحِجَّة 1440 / آب 2019
أبو البشر وأول من خلق الله عز وجل من الناس، خلقه الله سبحانه وتعالى ليكون خليفة في الأرض ليعمرها هو وذرّيّته ويخلف بعضهم بعضًا على عمرانها
أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكته أنه سيخلق بشرًا من طين، وأمرهم إذا سوّاه ونفخ فيه من روحه أن يقعوا له ساجدين، سجود تكريم لا سجود عبادة، حيث أن هناك أكثر من موضع في القرآن الكريم ذكر الله عز وجل السجود فيه، 15 مرة وهي سجود لله عز وجل وهي العبادة، وسجود تكريماً للأنبياء أي انحناء لهم وليس وضع الرأس على الأرض كما نفعل في الصلاة، مثل سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام وسيدنا يوسُف عليه الصلاة والسلام سوّى الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام من طين من حمأ مسنون (طين أسود متغيّر) حتى إذا صار ذلك الطين صَلْصَالاً (يصِلُّ إذا ضُرب) كالفخار، نفخ فيه من روحه فإذا هو إنسان حي. فسجد له الملائكة كلهم أجمعون، إلّا إبليس كان من الجن فعصى ربه عز وجل، ولم يسجد لسيدنا آدم عليه الصلاة والسلام استكبارًا. أي كيف أنه يسجد لشخص من طين وهو من نار. يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} الحِجر: 28-31 أخبر الله عز وجل الملائكة أن هذا البشر الذي خلقه سيجعله في الأرض خليفة، ويكون له سلطان عليها. فيتصرّف في مواردها ليجعلها ملائمة لحاجاته، ويكون له فيها نسل، يخلف بعضهم بعضاً. فسألت الملائكة ربهم عزّ وجلّ، بكل عبودية وخضوع، سؤال استفهام واستعلام {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} البقرة: 30. وأراد الله سبحانه وتعالى أن يبيّن للملائكة بعض ما لا يعلمون من حكمته في خلق سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام، فعلّمه أسماء الأشياء، وطلب من الملائكة أن ينبّئوه بها، فلم يعرفوا، وفي ذلك يقول تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} البَقرة: 31-33 يقول بعض المفسّرين إن الله تعالى عندما قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً"، قالت الملائكة: "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ"، فعلمت الملائكة أن الإنسان سيفسد في الأرض ويسفك الدماء استقراءً ممّا سبق من فساد قبل خلق الإنسان، إذ إن الجن كانوا قد خلقوا قبل الإنسان وكانوا قد أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء، وبناءً على هذا الاستقراء قالت الملائكة: "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء". واستدل المفسّرون من هذا أن الجن خُلِقوا قبل الإنس وأن الملائكة خُلِقوا قبل الجن ثم قال الله عز وجل في القرآن الكريم: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} الأعراف: 20-24. والوسوسة هي الصوت الخفي المتكرّر. وقد استخدم الشيطان مكره ليُظهر لسيدنا آدم عليه الصلاة والسلام وزوجته ما سُتِر عنهما من عوراتهما، وأخبرهما - كاذبًا - أن الله سبحانه وتعالى نهاهما عن الأكل من الشجرة لئلّا يكونا ملكيْن، أو يكونا من الخالدين الذين لا يموتون. ومعنى "فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ" أي فأنزلهما عن رتبة الطاعة إلى رتبة المعصية بما غرّهما به من القَسَم، فالتدلية: إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل. "وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ" أي شرعاً يلزقان من ورق الجنة ورقة فوق أخرى على عوراتهما لسترها. وقد تحدّث الدكتور ذاكر نائيك عن مكانة المرأة في الإسلام وكيف أن الله عز وجل رفع مكانتها. وهنا في القرآن الكريم يذكر لنا الله تبارك وتعالى مرتبة المرأة أو الأم، حيث أنه لم يقل أنه زوجة سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام هي التي أكلت من الشجرة لوحدها، بل جمعهما، وفي الآيات السابقة تدل على أن الله عز وجل قد رفع من مقام المرأة لقد كانت معصية سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام نسيانًا منه، لا تعمّدًا في مخالفة أمر الله عز وجل. قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} طه: 115. واستغفر ربه، فتاب عليه واجتباه، كما قال سبحانه: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} طه: 122 بعد أن خرج سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام وحواء من الجنة أنجبا قابيل وهابيل، وكانت حواء تلد توائم، وكان التوأم من الانجاب الأول يتزوج توأمة أخيه من الانجاب الثاني، أي أن قابيل واخته لا يتزوّجان، بل يتزوّج قابيل أخت هابيل عندما تلدهما حواء. لكن قابيل لم يرض بتوأمة أخيه، إذ إن توأمته كانت أجمل منها وأرادها لنفسه، وقدّم كل واحد منهما قربانًا ليرو أي منهما سيتقبّله الله عز وجل، فتقبّل الله عز وجل قربان هابيل ولم يتقبّل قربان قابيل، فغضب قابيل وقتل أخاه. كما قال عز وجل: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} المائِدة: 27، وتركه دون أن يواري سوءته. فبعث الله عز وجل له غرابًا يعلّمه كيف يواري سوءة أخيه. اقتتل غرابان وقتل أحدهما الآخر، فنقر حفرة بمنقاره ودفن الغراب المقتول، كما في قوله سبحانه وتعالى: {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} المائِدة: 31. وهنا تعلّم قابيل الدرس وحفر قبرًا لأخيه وواراه بالتراب. وهذه أول جريمة قتل ارتُكبت على الأرض وأول عملية دفن للبشر ذكر الله عز وجل اسم سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم 25 مرة، مثل ما ذكر اسم سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام طول سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام ستون ذراعاً، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان طول آدم ستين ذراعاً في سبعة أذرع عرضاً". وفي رواية: "فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن" وهذا يدل على أن الناس تنقص في حجمها بشكل تدريجي وليس بشكل سريع عُمر سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام ألف عام. كما ذُكِر في الحديث الشريف: "إن الله عز وجل لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو من ذراري إلى يوم القيامة، فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر، فقال: أي رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود، قال: أي رب كم عمره؟ قال: ستون عاما، قال رب زد في عمره. قال: لا، إلّا أن أزيده من عمرك، وكان عمر آدم ألف عام. فزاده أربعين عاما، فكتب الله عز وجل عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة، فلما احتضر آدم وأتته الملائكة لتقبضه قال: إنه قد بقي من عمري أربعون عاما، فقيل إنك قد وهبتها لابنك داود قال: ما فعلت، وأبرز الله عز وجل عليه الكتاب وشهدت عليه الملائكة". رواه أحمد واللفظ له عن ابن عباس رضي الله عنهما والتِرمذي، وصحَحه عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه. ورواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال الحاكم: صحيح على شرط مُسلم. ووافقه الذهبي. وفي رواية لأحمد وابن سعد في الطبقات فيها ضعف كما قال ابن كثير: "فأتمها الله لداود مائة، وأتمها لآدم ألف سنة". وهناك أنبياء آخرون قد عاشوا مدة طويلة تقارب الألف عام صلوات الله تعالى عليهم جميعاً |
:مواضيع ذات صلة
معلومات وحقائق عن الملائكة عليهم السلامسورة المائِدة معلومات وحقائق عن الجن سورة الأعراف سورة طه
:المواضيع المنوعة
:أقسام الموقع
|